هشام شرابي
هشام شرابي هو مفكر فلسطيني معروف ، ولد في يافا في 4 ابريل 1927 وتوفي في بيروت 13 يناير 2005 ، كتب في مجالات الفلسفة وعلم الاجتماع والادب.
نشأته
ولد هشام شرابي في يافا وعاش طفولته بين يافا وبين عكا في دار جدّه .
تعليمه
درس المرحلة الابتدائية في مدرسة "الفرندز" للبنين في رام الله واكمل دراسته في "الانترناشونال كولدج" في بيروت ، وتخرج من الجامعة الأميركية في بيروت سنة 1947.
السياسة
في فترة وجوده في الجامعة الامريكية في بيروت انظم إلى الحزب السوري القومي الإجتماعي، حيث كان رفيقا لأنطون سعادة ، وبعد هجرته إلى الولايات الامريكية المتحدة ظل مسؤولا عن فرع الحزب السوري القومي الاجتماعي حتى عام 1955 حيث انسحب منه.
هجرته
هاجر إلى الولايات الامريكية المتحدة بعد اعدام أنطون سعادة في بيروت ، وعمل هناك استاذا لتاريخ الفكر الأوروبي الحديث في جامعة جورجتاون في واشنطن ، ظل ينشر مؤلفاته باللغة الانجليزية للدراسات الجامعية إلى حين حرب الأيام الستة التي انتقل على اثرها إلى بيروت عام 1970 وعمل في مركز التخطيط الفلسطيني واستاذا زائرا في الجامعة الامريكية في بيروت ، ولكنه رحل بسبب احداث الحرب الاهلية في لبنان.
اعماله
ساهم في انشاء عدد من المؤسسات التي تعنى بشؤون العالم العربي والقضية الفلسطينية ، منها مركز الدراسات العربية المعاصرة في جامعة جورج تاون ومركز التحليلات السياسية حول فلسطين في واشنطن وصندوق القدس وهو المنظمة الفلسطينية التي تقدم منحا دراسية للطلاب الفلسطينيين .
كان له العديد من المؤلفات ، منها :
المثقفون العربة والغرب . ترجم إلى العربية في فتره وجوده في بيروت .
مقدمات لدراسة المجتمع العربي (1975)
النظام الأبوي (1988)
النقد الحضاري للمجتمع العربي (1991).
قالوا عنه:
د. هشام شرابي: الناقد والمفكر والإنسان
هشام شرابي : "لن يكون هناك تغيير أو تحرير دون إزاحة الأب رمزاً وسلطة، وتحرير المرأة قولا وفعلا "
١ شباط (فبراير) ٢٠٠٥ ، بقلم الدكتورة فيحاء عبد الهادي
ما هو التغيير الذي تحدث عنه "هشام شرابي"، ودعا إليه، في كتبه، ومقالاته، ومحاضراته الجامعية؟ ما الذي احتوته تلك الكتب من أفكار، هزت وجدان الإنسان العربي، في السبعينات والثمانينات، من القرن العشرين، وما زالت تهز الوجدان وتؤثر عميقاً في القراء، في القرن الواحد والعشرين؟ ما هي الإضافة الفكرية، التي قدمها شرابي إلى الفكر النقدي، والتي وضعته في مصاف المفكرين العالميين العرب؟
ابتدأ هشام شرابي مشواره الفكري بنقد الذات، التي هي رأس المعرفة، على حد قول سقراط، ولم يكن في نقده مهادناً أو مجاملاً. لم يدّع امتلاك الحقيقة والمعرفة، ولم يرفع رأسه غروراً وغطرسة وتعالياً. كان صادقاً مع نفسه، ومع القراء الذين توجه إليهم، وحين أشرع سلاح النقد؛ بدأ بنفسه، ومسّ كثيراً من القضايا الشائكة والمحيّرة، لجيل من المثقفين، في سيرته الذاتية الممتعة "الجمر والرماد". تحدث عن تحوّله من الفكر المثالي، إلى الفكر الواقعي، حين انتقل من دراسة الفلسفة، إلى دراسة التاريخ والحضارة الأوروبية، واعتبر هذه الخطوة هي الأهم في دراسته الجامعية، حيث تخلص من الفلسفة التجريدية، التي ترعرع عليها، والتي كان يمكن أن تؤدي إلى تفرغه للفلسفة. تفتحت أمامه آفاق رحبة، أدت إلى اكتشافه العلوم الاجتماعية، وأسسها الحسية العلمية.
شكّل هذا الاكتشاف؛ المفصل الأبرز في حياة "هشام شرابي"، وفي نتاجه الفكري، الذي أثّر على أجيال متعاقبة، حين أطلق صيحته نحو وجوب التغيير الجذري، معتبراً أن المجتمع والعائلة صنوان للتغيير، وأنه لا يمكن لواحد منهما أن يتغير دون أن يتغير الآخر. "إن التحالف بين المجتمع والعائلة يبدو كوسيلة أساسية تلجأ إليها الثقافة الاجتماعية المسيطرة، لضبط التغيير، والمحافظة على استقرار النظام الاجتماعي، الذي هو بدوره مبني على النمط السائد في تركيب العائلة، وفي توزيع الثروة، والسلطة، والمكانة الاجتماعية، في المجتمع العربي".
وقد وقف وقفة مطوّلة في كتابه الهام "مقدمات لدراسة المجتمع العربي"، عند معوّقات تقدم المجتمع العربي، ووضع يده على الجرح، وشخّص الداء، قبل أن يقترح الدواء، فتتبّع تربية الإنسان العربي منذ الطفولة، ووقف أمام النظام التربوي والاجتماعي، الذي ينتج أفراداً يعانون من العجز والاتكالية والإذعان للسلطة: الأب والمعلم والحاكم، ويرتبطون في ولائهم بالعائلة، والعشيرة، والطائفة.
وكشف "هشام شرابي" في كتابه "النظام الأبوي وإشكالية تخلف المجتمع العربي"، عن أسباب تخلف المجتمع العربي، ووضع تصوراً حول كيفية تجاوز هذا التخلف، والتغلب عليه. بيّن أن التخلف الذي نجابهه، يكمن في أعماق الحضارة الأبوية (والأبوية المستحدثة)، حيث السيطرة الاجتماعية التي يمارسها الجيل القديم، هي سيطرة تامة، وحيث يرتبط الشبان بسلطة أبوية الشكل، ويبقون في ظل الكبار، على الصعيد السياسي، كما على الصعيد العاطفي والعقلي؛ ما ينتج صفتين مترابطتين: اللاعقلانية والعجز، "اللاعقلانية في التحليل والتنظير والتنظيم، والعجز عن الوقوف في ظل التحديات والتغلب عليها. إنه التخلف المتمثل في شلل المجتمع العربي ككل: في تراجعاته المستمرة، وفي انكساراته المتكررة، في انهياره الداخلي".
وكما نقد شرابي الفكر العربي؛ نقد الفكر الغربي، ورفض النموذج الغربي، الذي قلدته أجيال من شبابنا ومفكرينا، واعتبروه مثالاً يحتذى للعلم والمعرفة، ودعا إلى خلع سيطرة الغرب الحضارية، بالإضافة إلى خلع سيطرته السياسية. أعلى المفكر صوته فاضحاً ازدواجية معايير المجتمع الغربي، الذي يمارس التمويه على النفس، والكذب الفاضح، وبيّن كيف يقوم على الاستغلال والقهر والعنف. "إن الغرب الحديث قائم على العنف ومضرج بالدماء. وإذا قسناه بمقدار القتل والدمار، الذي سببه في عصرنا؛ لوجدناه أشد وحشية وأشد هجمة، من أي مجتمع في التاريخ".
وفي مواجهة الفكر السلبي العربي، والفكر التمويهي الغربي، دعا شرابي إلى نظرة علمية ترفض التمويه، وتستعيد الثقة بالنفس، وتبتعد عن استيراد العلم والفن والفلسفة، وتمتلك الإدراك النقدي والمعرفة الذاتية، وتسير في طريق مستقل.
وفي مواجهة التخلف، ولإحداث التغيير، بيّن هشام شرابي، أن عملية التحرر لا تحدث دفعة واحدة، وأنها محصلة سياق طويل، من التبدل والتغير، اللذين يتولدان في ثلاثة مجالات أساسية: في البنية التحتية المادية، وفي المؤسسات الاجتماعية، وفي الممارسة السياسية. وبما أن حجر الزاوية في النظام الأبوي (والأبوي المستحدث) هو استعباد المرأة؛ فقد وضع المفكر تحرير المرأة من العبودية؛ شرطاً من شروط القضاء على التخلف، موضحاً أنه رأس حربة التغيير الاجتماعي والثقافي؛ ما يجعل هناك ضرورة ملحة لوضع قضية تحرير المرأة، على رأس جدول أعمال حركة التحرر العربية بأشكالها كافة.
إذا كان النبوغ هو المقدرة على تحمل الجهد المستمر، على حد قول تشارلز ديكنز؛ فإن بإمكاننا القول إن المفكر الناقد الفلسطيني، هشام شرابي؛ كان واحداً من النابغين العرب، الذين أضافوا كثيراً إلى الثقافة الإنسانية. وحين غيّبه الموت؛ خسرته فلسطين، وخسره العالم العربي، وخسره العالم الإنساني برمّته.
الفترة الاخيرة من حياته
مع توقيع اتفاقية اوسلو ، تمكن هشام شرابي من زيارة يافا وكان من المتحمسين للإتفاق المذكور ولكنه لم يلبث ان تحول إلى احد اهم المعارضين للإتفاق ، وفي عام 1998 توقف عن العمل في جامعة جورج تاون وانتقل إلى العيش في بيروت حيث توفي في 13 يناير 2005 بمرض السرطان.
عن:
موسوعة ويكيبيديا الحرة
موقع: ديوان العرب
موقع أدب وفن