abedalrahman.dameer
المدير العام
الدوله : فلسطين اللقب : ابومحمد نوع الاشراف : مدير عام تاريخ التسجيل : 10/12/2009 رساله sms : •·.·`¯°·.·• أمل مشرق لغد جديد •·.·°¯`·.·•
| موضوع: الحرية والهوى الإثنين فبراير 22, 2010 1:59 am | |
|
|
|
حين شدّ قوسه، وشحذ سهامه، مقلداً «كيوبيد»، ومتربصاً بمرور امرأة غامضة تجرجره وراءها ليطلق سهم حب يدغدغ قلبها فيسكرها الهوى وتميل نحوه.. انبثقت ذات صباح من بين شجيرات الورود المغمورة بضباب ندي، حوراء مبهجة تحمل أسلحة مماثلة لأسلحته، وتغطي جسدها البض بجناحين ناصعين، وما إن وقعت عيناه عليها حتى تراخت يداه واستلبت إرادته، فامتشقت قوسها ووجهت إليه سهماً اخترق قلبه فسقط صريع الهيام، وبدأ يهرول وراءها لاهثاً.. يلهج بكلمات الغزل وقصائد العشق، ويعزف لها ألحان الوصال.. يحكي لها قصص السعادة ويرسم لوحات الزهور لعينيها، بينما كانت تتمنع حيناً، وتبتسم حيناً آخر، ما زاد من اندفاعه نحوها بجنون معجون بالألم والشقاء، فأدمى جسده وهو يبحث عنها بين الورود الكثيفة، كلما اختبأت بين البساتين الممتدة في الجهات الأربع، وحطم أصابع قدميه الحافيتين وهو يركض وراءها فوق الحجارة المسننة والحفر المفاجئة.. وبعد أن شلّ التعب حركته تماماً، ظهرت أمامه مثل ضوء مُنتظر.. ألقت عليه التحية، وانسابت من شفتيها ابتسامة أنسته أوجاعه الماضية.. وحين اقتربت منه ورأت ما حلّ به جراء مطاردتها، أخرجت من قلبها فراشة وراحت تداوي جروحه تارة وتكفكف دموعه تارة أخرى.. وما إن استقرت حاله وبدأ الهدوء يسري في قلبه وجسده حتى أفصح لها عن مكنوناته الصادقة آملاً أن تبادله المشاعر وتمنحه بَرَكة الحب الذي طال انتظاره!!
نظرت إليه بعينين ذابلتين، يغمرهما نور بهجة خفي، وقالت: للحب ضريبته الكبرى، إذ إنه يسلبك حريتك ويجعلك عبداً للآخر، وأنا لن أضحي بحريتي في سبيل الهوى، فقد أضناني البحث عنها، وها أنا أسير الآن على درب يوصلني إليها..
قال: من الذي أفتى بأن الحرية والحب متناقضان؟ إنهما إحساسان متلازمان.. ألم تقرئي ما كتبته ماريا، بطلة رواية باولو كويلهو «إحدى عشرة دقيقة»، في مذكراتها: «طيلة حياتي فهمت الحب نوعاً من عبودية رضي بها طرفان.. هذا كذب، لا توجد الحرية إلا عندما يوجد الحب، فمن يعطي نفسه كلياً، ويشعر بأنه حر، يحب بلا حدود.. ومن يحب بلا حدود، يشعر بأنه حر»، وهذه هي الحقيقة.. وأنا مثلك أعشق الحرية لأنها تمنح الحب جناحين يحلق بهما في فضاء الكون ويدون حروفه على صفحة السماء بصفته أسمى المشاعر البشرية!!
رفعت عيناها نحوه بخفر، وسألت: لماذا إذاً لا يكون للحب والحرية عيد واحد؟ أجاب: وهل تظنين أن «فالنتين» لم يجسد الأمرين معاً؟ لقد تحدى قانون الإمبراطور الروماني كلوديس الثاني بمنع زواج الشباب، وراح يعقد قرانهم إيماناً منه بحرية قراراتهم ومعاني الحب الرومانسية..
عندها تراجعت إلى الوراء، وقالت: اتركني الآن أذهب إلى ذاك الجبل البعيد، لأحضر مفتاح قلبي الذي تركته تحت شجرة الجوز العتيقة هناك، وخلال رحلتي سأفكر.. فربما يكون ما قلته صائباً، وحينها قد أعود لنحتفل بالحرية والحب.. ليس كل عام، وإنما كل يوم.. وساعة.. ولحظة هناء!! |
|
| |
|