* لمحة جغرافية *
تقع الجش في الجليل الأعلى
، و هي بلدة صغيرة تكتنفها أشجار التين و الزيتون و تشرف من موقعها المرتفع على
قمة جبل ( حرمون ) و تطل عليها قمة جبل الجرمق 0
هذه البلدة الصغيرة التي
تحمل اسم ( الجش ) منذ الفتح الإسلامي حتى
اليوم هي البقية الباقية من مدينة أحلب الكنعانية أو مدينة جسكالا الرومانية 0
تقع إلى الشمال الغربي من
مدينة صفد و على بعد ثلاثة عشر كيلومتراً على أكمة مرتفعة تسمى العنقور و تمتد على
مساحة قدرها 71 دونماً 0
تشرف من الشرق على انهدام
سحيق سببه زلزال كبير أصاب البلدة عام 1837 م ، و في أعمق نقطة من الانهدام المسمى
المخسوفة تجري مياه عين الجش العذبة ، و في منتصف انهدام المخسوفة تقع أطلال قصور
و كنائس بيزنطية قديمة ظلت دفينة التراب حتى عام 1905 م 0
و تطل البلدة من الشمال
على منحدرات سحيقة أيضاً ذات تربة كلسية تسمى ( البياض ) ، ومن الغرب تشرف البلدة على طلة منحدر تقع بين
( العنقور) و هضبة يسميها أهل البلدة( دبة
ظهر الحمار) و من الجنوب يخف انحدار البلدة حتى يستوي مع الأرض الواطئة السهلة و
يتصل بالطريق العام 0
من أهم المواقع المتميزة
القريبة من الجش جبل ( الجرمق ) و هو يمتد
أمامها لحاجز عظيم من الجنوب الشرقي إلى الشمال الغربي و قمته أعلى قمة في فلسطين
، إذ ترتفع 1208 م عن سطح البحر، سمي الجرمق نسبة إلى مدينة الجرمق التي كانت تقوم
في أعلى نقطة منه ، و تسكنها قبيلة( الجرامقة) العربية التي تعود بأصولها إلى عرب
اليمن، و لكن بعض المؤرخين ينسبون قبيلة الجرامقة إلى العبرانيين ، في حين ينسبهم
البعض الآخر إلى الآراميين0
تحيط ببلدة الجش(جسكالا)
حلقة من القرى و البلدان تتوزع على الشكل التالي:
1ـ من الجنوب: الصفصاف ـ ميرون 0
2ـ من الشرق : قديثا ـ طيطبا ـ دلاثة ـ الرأس الأحمر 0
3ـ من الشمال الشرقي : الريحانية ـ علما 0
4ـ من الشمال : فارة ـ صلحة 0
5ـ من الغرب : كفر برعم ـ سعسع ـ غباطية 0
المنــــــاخ :
تعتبر منطقة الجليل الأعلى امتداداً
طبيعياً لجبال لبنان ، و مناخها معتدل صيفاً ، بارد شتاءً ، تمتاز بهطول الأمطار
الغزيرة طيلة أيام فصل الشتاء ، و كثيراً ما يستمر هطول الأمطار و سقوط الثلوج
طيلة أربعين يوماً متوالية ، و قد تظهر الشمس بعد طول احتجاب و ترسل أشعتها إلى
السفوح و القمم و قد ارتدت ثوباً أبيضاً جميلاً و لاسيما قمة ( الجرمق ) التي
تحاكي ببياضها عندئذ جارتها قمة ( حرمون )
0
هذا في الشتاء ، أما في الصيف فتتحلى
البلدة بمناخ لا أحلى و لا أجمل قلما يتوفر مناخ مثله إلا لمصايف لبنان الشهيرة ،
إذ تهب عليها نسمات حرمون الشمالية الباردة فتنعش النفس و تورد الخدود ، هذا ناهيك
عن النسيم الغربي الجنوبي الذي يهب من قمة جبل الجرمق حاملاً في طياته قطرات الندى
فكثيراً ما يستيقظ أهالي الجش ( جسكالا ) ليروا قمة الجرمق و سفوحه وقد تغطت
بملاءة بيضاء من الضباب ، لا تفارقها إلا عند ارتفاع الضحى و اشتداد حرارة الشمس
0
الحيـــــــاة
الزراعــيـــــة :
تمتد ملكية بلدة الجش على مساحة واسعة من
الأراضي السهلية و الجبلية ، ناهيك عن الكروم التي تحيط بها من جهاتها الأربعة ،
كما تنفرد الجش بملكية قسم لا بأس به من الأراضي المروية بماء العين و الينابيع
الأخرى و التي تشكل وادي الجش 0
أراضي البلدة كلها ملك لأهاليها من
المسلمين و المسيحيين و لا يمتلك اليهود منها شيئاً أبداً0
زراعة البلدة راقية و متنوعة ، فهي إلى
جانب البستنة و غرس الكروم و زراعة الحنطة و الشعير و الفول و الحمص و العدس و
الجلبة و الكرسنة ، تهتم بزراعة التبغ ، و قد اشتهرت بها في الأربعينات ، و إلى
جانب التبغ و الحنطة ـ المحصولين الأساسيين ـ يأتي التين إلى جانب ما تنتجه من
الخضراوات و أشهرها البندورة و الباذنجان و الفليفلة و الخيار و القناء و البطيخ و
الشمام و اللفت و الفجل و البصل و الثوم و البطاطا و الخس0
هذه هي مزروعات البلدة خلال العهدين
العثماني و البريطاني ، و في عهد محمد علي
باشا
( 1831ـ 1841 ) عرفت زراعة
القطن و غزله و نسجه0
أما شهرة البلدة بالزيت و الزيتون فتعود
إلى عصور موغلة في القدم إلى عهد ( التلمود ) و تتحدث كتب التاريخ عن الزعيم الجشي
( يوحنا بن لاوي ) كأكبر غارس لأشجار الزيتون في ديار الجليل في منتصف القرن
الميلادي الأول 0
و تربة الجش طيبة معطاءة ، فهي تعطي إلى
جانب ما يزرعه الأهلون شتى أنواع البقول و النباتات البرية النافعة كالعكوب و
الخبيزة و السعتر و الفيجن و البابونج و السناري و الجعساس (( الميرمية )) و
الهندباء (( العلت )) و الحميض و القرصعنة و اللوف و الكلخ و الفطريات، كما تزين
أديمها بشتى أنواع الأزاهير كشقائق النعمان ( البرقوق ) و الأقحوان و الخزامى و
النرجس و أبزاز البقرة و النفل و شتى أنواع الأزهار البرية 0
تـربـيـــــة
الحيـــــــوان :
كان أهالي الجش يربون البقر و يستخدمونه في
حراثة الأراضي إلى جانب الخيل و الحمير ، أما البغال فقد ندر استخدامها فيها ، و
إلى جانب البقر المستخدم في الحراثة ، كانت تربية الأغنام و الماعز رائجة بشكل جيد
و لاسيما في العهد العثماني و العهود السابقة إذ كان إنتاج الحليب و الزبدة و
الجبن غزيراً للغاية0
و لأهل البلدة عناية خاصة بالدواجن و خاصة
الدجاج و الحمام و قلما اهتموا بتربية البط و الأوز أو الديك الرومي0
و في أواخر الأربعينات اهتم بعض المسيحيين
بتربية الخنازير ، كما اهتم الأهلون و خاصة الرعاة بتربية الكلاب ، و يذكر
المعمرون أن الخيول الأصلية كانت تربى في البلدة في عصور الفروسية0
الحـيــــــوانات
البــــــرية :
أما الحيوانات البرية فهي كثيرة و متعددة
تعيش في المعاصي و الوعور و سفوح الجبال ، و أشهرها الذئب و الضبع و الثعلب و إبن
آوى و النيص ، أما الغزال فهو نادر إلا أنه يوجد في سفوح الجرمق ، و يذكر المعمرون
من أهل البلدة أن الأسد و النمر كانا يعيشان في الوعرة و الجبال0
الطـيـــــــور :
و الطيور البرية كثيرة و أشهرها الحجل و
الدوري و الشحرور و الوروار و الهدهد و السنونو المهاجر ، و الطيور الجارحة كثيرة
أيضاً فهناك النسر و العقاب و الشاهين و الشوحة ، كما يعيش البوم و الغراب و
الخفاش ، أما اللقلق و ما يسميه الأهلون ( أبا سعد ) فهو يأتي في سني الجراد 0
الـزواحــــــف :
و الزواحف كثيرة و أشهرها الحنش الأسود و
الأفعى الحمراء و الرقطاء و الحرباء المتلونة و الحرذون و السحالي و أبو قرع و
السلحفاة و القنفذ و العقرب و غيرها من الزواحف المؤذية0